الأربعاء، 27 يوليو 2016

ولادة الإنسان.. مصادرة لإرادته الحرة


الفيلسوف إميل سيوران  مثله مثل المعري يقول:"اقترفت كل الجرائم باستثناء
 أن أكون أباًً" و له في هذا الموضوع كتاب "مثالب الولادة"

نحن في دار الدنيا ندخل مرغمين ...
الإنسان عادةً يدخل الدار إما ضيفاً أو سجيناً...
فالضيف هو الذي يدخل معززاً مكرماً وبإرادته الحرة...
أما السجين فيدخل مرغماً ومجبراً...
ونحن ندخل دار الدنيا مرغمين كالمساجين ...
لا أحد يدخل مكرّماً وباختياره التام ... فهل رأيت في عمرك أحداً يسأل الجنين وهو يخرج من بطن أمه "الدنيا فيها كيت وكيت من المصائب والمسئوليات والهموم فهلّا تفضلت بمشاركتنا همومها وآلامها؟"..
لا يوجد مخلوق دخل الى الحياة بهذه الطريقة ... وأنا أجزم إن نصف المواليد سيرفضون الخروج لو حدث ذلك..
وذلك فقط بناءاً على افتراض إن نصف الحياة آلام منفّرة ونصفها متع ورفاهيات مُرَغّبة ... فما بالك إذا علمنا أن الكثير من فقراء هذا العالم ومعذبيه لا يشاركوننا في هذا الإفتراض...
بناءاً على ذلك فإننا وبلا ريب سنشارك أبا العلاء المعري في نظرته الى فكرة الولادة كونها جريمة يرتكبها الأبوان .. وسنجعل شعارنا في الحياة ذلك البيت الذي أوصى بكتابته على قبره....
هذا جناه أبي علي ... وما جنيت على أحد
يا معشر الآباء إن أبوتكم جريمة .. وستظل جريمة إلا في حالةٍ واحدة ... وهي أن يتسنى لكم تخيير تلك الروح قبل أن تخرجوها إلى الحياة مرغمة واستشارتها : هل ترغبين أيتها الروح في دخول هذا الطريق المليء بالأشواك والآلام ؟!
وإلى أن يتسنى لكم الإتيان بهذا الشرط الصعب والمستحيل فأنتم مجرمون ... وجميع آفات الدنيا وأوبئتها ومصائبها تلعنكم ... لأنكم أخرجتموها إلى الوجود من العدم !!



كتاب "لزوم ما لا يلزم" وفلسفة المعري الشاملة والعميقة
 والمنطقية

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق