الخميس، 11 أكتوبر 2018

اكذوبة وزيف قوانين حقوق الأطفال




من خلال الإطلاع على ما يسمونه قوانين حقوق الطفل في جميع أنحاء العالم نرى إنها تستعبد الطفل ولا تعطيه شيئاً من حقوقه، فالحقوق هنا ليست حقوق الطفل بقدر ما هي حقوق لمن يفرضون الوصاية على الطفل.
العقل والبداهة يقولان إن من حقوق الطفل العمل، وهو ليس معيباً ولا مجحفاً في حقه إلا إذا كان يتعدى قدرته العقلية والجسدية وكان مُكرهاً عليه، وكذلك من حقوقه العلاقات الجنسية والتعبير عن ميوله في هذا الإتجاه بكافة الطرق ، وخصوصاً بعد أن يكون قد جاوز الحلم ودخل مرحلة المراهقة، حيث إن الميول والغرائز تنمو بشكل واضح قبل بلوغه الثامنة عشر بكثير علماً بأن وثيقة حقوق الطفل تجعل هذه السن معياراً وحدّاً فاصلاً بين الطفولة القاصرة ناقصة الأهلية وبين البلوغ . 
وحتى عند ارتكاب هؤلاء للجرائم فلا معنى لإستثناءهم من العقوبة ، لأنهم يعُون إلى حد ما مسؤوليتهم عن كل ما يقترفونه ، ومن الطبيعي أن لا يكون ذلك بشكل كامل كما هو عند البالغين ولكنه يتطور بعد بلوغ النضج العقلي الكامل (٦سنوات) وعلى درجات إلى أن يصل سن البلوغ (١٨ سنة) ، وكذلك المسؤولية والعقوبة يجب أن تكون على درجات بين هذين العمرين.
في العادة يبدأ وعي الطفل بمسؤوليته وإدراكه الواقعي لما حوله منذ سن السادسة،  بدليل إن أغلب دول العالم تجعلها العمر المفضل لإدخال الطفل إلى المدرسة، وإلى عهد قريب كان الأطفال يعاقبون على ما يقترفونه من تقصير في تلك السن من دون إنكار ولا استغراب، كما كانوا يعتبرون مسؤولين عن أفعالهم أمام القانون كبالغين إذا تجاوزوا السابعة من عمرهم ويسجنون ويعاقبون كما يعاقب البالغ إذا ارتكبوا أي جريمة أو جنحة (في القرن التاسع عشر وما قبله)،  وحتى الآن نجد كثيراً من مدارس العالم الثالث تمارس الأسلوب التربوي الذي يستند إلى العقاب بل قد يتعرضون للسجن في هذه الدول لأسباب سياسية أو جنائية في حين إن نفس هذه الدول لا تقرّ للطفل بأي حقوق بالمعنى الحقيقي للحقوق ، ولا تقرّ لهم بحرية اتخاذ القرار في أدق تفاصيل حياتهم ، فالطفل في هذه الدول لا يُسْتشار في شيء ولا يُسأل عن المسار الذي يفضله أو يختاره في جميع شؤونه الخاصة، وقد تقوم بعض المجتمعات بتنظيم زواج البنت في سن السادسة أو الثامنة في صورة من أبشع صور الإستعباد ( وهذه الظاهرة شائعة جداً في النيجر وأفريقيا الوسطى تشاد وبنغلاديش والهند وفي دول أخرى من العالم الثالث).


وعند بعض الطوائف اللبنانية كانت جريمة الثأر تُنفذ بيد طفل لم يبلغ بعد، قد يكون في الرابعة عشر من عمره أو أقل، لكي لا تطاله يد القانون، وكثير من الميليشيات الأفريقية تستعين بأطفال في نفس هذه السن ليرتكبوا أفظع المجازر، وكذلك داعش تفعل نفس الشيء. وبالتالي فإن الطفل قادر على ارتكاب أفظع الجرائم ولا يوجد في مبدأ العقوبة -ولو بشكل متدرج- ما يتعارض مع الواقع أو طبيعة الأمور ، أما دعوى عدم اكتمال وعي الطفل وإدراكه ومسؤوليته فيمكن أن نقترح له تدرّجاً يساعد الطفل على تنمية مسؤوليته بشكل يسمح بالتكيّف معه وفهمه بشكل مستقل ومتدرج وبالتالي يتم تحريره من وضعية عدم الأهلية ولو بتدرج بطيء. يبدأ التدرج من مرحلة أولى تبدأ من سن السادسة وحتى العاشرة من عمر الطفل وتكون هذه المرحلة مرشحة لأخف العقوبات الممكنة حيث تكون مسؤولية الطفل ناقصة ، ونلاحظ إن اهتمام الحكومات اليوم ينصبً في ضمان الحماية و الرعاية لمن في هذه السن وهذا شيء جيد ولكنه ليس من اختصاص الدولة، بل هو من اختصاص العائلة أو الجمعيات الخيرية إذا وُجِدت، ومن الطبيعي أن يمارس الوالدان سلطتهما وحمايتهما على الطفل في هذه السن ، وإذا حدث إهمال من الوالدين وتم التفريط في هذه الحماية فإن الدولة لن تتبرع برعاية الطفل في هذه الحالة، لأن إختصاصها فقط ينحصر في حمايته من الإعتداء. قد يكون من الواجب انشاء جمعيات لرعاية الأطفال المشردين، وهو ضروري جداً خصوصاً لحمايتهم من التسول ولا يوجد من في قلبه ذرة إنسانية ولا يشعر بهذه الضرورة، ولكن نؤكد إن هذا ليس هو تخصص الدولة، وعلى ضمائر الناس أن تتحرك من تلقاء نفسها وليس بالضغط الحكومي الذي ينهب الضرائب من المواطنين قسراً لينفق على هذه المشاريع الخيرية وحتى مع افتراض ان الحكومة غير فاسدة وحتى مع افتراض عدم استخدام الحكومة مثل هذه المشاريع في التسلط على المواطن وتقييد حقوقه فإنه ليس من حقها انتزاع المال من مستحقيه للتصدق به على آخرين .
المرحلة الثانية من السن (١٠-١٤) سنة تكون ذات أهمية خاصة لأن أغلب الأطفال المجندين للأعمال الإرهابية تكون في هذه المرحلة، وفتح أبواب العمل لهؤلاء بشكل قانوني سيوفّر حماية لهؤلاء من الدخول في  المافيات الإجرامية، حيث إن أغلب الحالات الإجرامية تبدأ من هذه السن ، وإذا أعفينا الطفل في هذه المرحلة من تحمل مسؤولية أفعاله فإن إجرامه سيتطوّر ويترسّخ حتى يتحوّل إلى مهنة أو حتى إلى جزء من شخصيته وتربيته يصعب التخلّي عنه ، وإذا نظرنا إلى ما يحدث على أرض الواقع نجد إنهم بالفعل يوضعون في مؤسسات إصلاحية في كندا وأمريكا إذا تجاوزوا الثانية عشر من العمر، وفي 125 دولة حول العالم يحاكمون ويسجنون بين سن السابعة والخامسة عشر (أي المرحلة الأولى والثانية ) مما يؤكّد واقعية هذا التصرّف (بغض النظر عن قسوته أو كونه ظاهرة سيئة) ، وإمكانية إعطاء حريات واسعة للأطفال في هذه السن .


ثم تكون المرحلة الثالثة من سن ال١٤ إلى سن ال١٨  والأطفال في هذه المرحلة في أغلب المجتمعات لا يُعتبرون أطفالاً بل مراهقين وشباباً قادرين على مختلف الأعمال وعلى تحمل المسؤوليات وفي كثير من القوانين يوضعون في سجون إصلاحية إذا ارتكبوا أي جريمة بشكل وقائي لحمايتهم وحماية المجتمع منهم، بالإضافة إلى إن كثيراً من المجتمعات كانت ترى زواج الرجال في هذه السن أمراً طبيعياً، وكذلك العمل ، والعلاقات الجنسية عادةً ما تبدأ في هذه المرحلة ولكن القوانين تعتبر أي علاقة مع من هم دون ال١٨ غير سويّة لأنها "علاقة مع قاصر ناقص الأهلية" ويضع لها القانون أشد العقوبات حتى لو كانت برضا الطرفين. 
أي أن الأطفال من السن ٦ الى السن ١٨ يعتبرون أطفالاً واعيين ويستحقون نصيبهم من الحرية وكذلك من المسؤولية ولو على درجات ، واقتراح الثلاث مراحل قد لا يعتبر دقيقاً علمياً ولكنه جيد كبداية، ومسافة الأربع سنوات في كل مرحلة هو أمر تقريبي لا غير . ولا شك إن الأطفال في المرحلة الثالثة مظلومون في أغلب القوانين ، كما إنهم يُعتبرون طاقات مهدرة قد تكون قادرة على المشاركة في البناء والإنتاج لو هيئت لذلك، كما إن نقلهم من عالم القُصّر الناقصي الأهلية سيوفّر زمنياً مراحل في حياة الإنسان القصيرة نسبياً.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق