الخميس، 25 أكتوبر 2018

ذكرياتك هي حياتك...


والذي يعتاد التخلص من ذكرياته سواء في عقله أو على أرض الواقع إنما هو يطمس جزءاً من نفسه ووعيه ، فالوعي بالماضي ومخزون الذكريات هو ما يشكل الأفكار ويشكل الشخصية ويخلق الطابع التشاؤمي أو التفاؤلي في الإنسان...
والعمر إما أن يضيع هباءاً أو يُترجم إلى خبرات حياتية وأحاسيس إما سيئة أو جيدة، واللحظة الوحيدة التي تخلق المعيار الصحيح هي لحظة ما قبل الموت، فهناك يتولد إمّا شعور بالرضا أو شعور بالحزن، وهذا يعتمد على الإنطباعات الجيدة أو السيئة التي كوّنها الشخص، و لن يكون الأمر متعلقاً بخبرات في الميكانيكا والكهرباء أو الأمور المالية بالطبع، بل بانطباعات عن علاقات جيدة وصداقات وتضحيات وأناس مليئين بالمشاعر الحية والصادقة والمخلصة عرفهم وعلاقات عاطفية مع نساء جميلات رقيقات وأشياء ومناظر جميلة وممتعة ، كل هذا لن يجعله يأسف على انقضاء حياته، ولو خُيّر بين أن يستمر في حياته كما هي أو العودة الى الشباب ليعيش حياته من جديد لما رأى ذلك إلا عبثاً لأنه فعل كل ما يرغب في فعله وعاش الحياة كما يجب أن تُعاش، أما إذا طمست تلك الذكريات ونسيها فإن شعوره بالزمن لن يكون سليماً بل سيحس عند تلك اللحظة وكأنه ولد بالأمس ليموت اليوم، فالذكريات هنا تمثّل عصب الحياة للروح والعقل ومصدر الطاقة للهوية والذاكرة الشخصية يمتد منذ الولادة الى اللحظة التي نعيشها ، ومن يقطع هذا العصب قد يعيش تلك اللحظة الأخيرة -والتي تعتبر اللحظة التقييمية الأثمن- بحسرة وندامة، وفي تلك اللحظة يقيّم الإنسان كل شيء بمعاييره الشخصية وبالعقيدة التي كوّنها بينه وبين نفسه، ويتأكّد الإنسان إن الخطأ الأكبر الذي ارتكبه في حياته أن يعيش حياته كما يريد الناس وحسب موازينهم ومعاييرهم، لأنه سيعرف حينها إنّه أرضاهم بما لا يغنيهم بينما خسر نفسه حين تماهى مع مواقف لا أخلاقية حسب معاييره، أو يكون على الأقل قد بنى حياته على عبث المجاملات.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق